Contrast

تبديل للأبيض والأسود

Contrast

Screen Reader

Listen to the page content

حجم الخط

Use the buttons below to change font size

A-
A
A+

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 05-02-2024 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 821 لسنة2023 طعن تجاري
طاعن:
ا. ب. ل. ا. ش. 
مطعون ضده:
ش. ل. و. ا. ش. ذ. م. م. 
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2023/2 بطلان حكم تحكيم
بتاريخ 27-04-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
 بعد الإطلاع على ملف الطعن الرقمي ومرفقاته وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة المقرر القاضي / سعيد هلال الزعابي وبعد المداولة: -
 حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
 وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر المرفقات ? تتحصل في أن في المدعية ( شوبا للهندسة والمقاولات ش.ذ.م.م ) أقامت الدعوى رقم 1 لسنة 2023 بطلان حكم التحكيم ضد المدعى عليها ( اميرالد بالاس للديكور الداخلي ش.ذ.م.م ) ، بغية القضاء لها ببطلان الحكم التحكيمي الصادر في الدعوى PTA|XZG|25374 غرفة التجارة الدولية بتاريخ 26/12 /2022 م وللأسباب أن الحكم المذكور قد جاء باطلا لمخالفته لأحكام القانون وللأسباب التالية بطلان الحكم لتجاوز المحكم الميعاد المحدد لصدور الحكم ولانتهاء المهلة المتفق عليها بين الأطراف والمهلة المقررة قانونا لذلك ، حيث الثابت بأن إجراءات التحكيم قد بدأت 8/7/2020م بينما صدر الحكم النهائي في 26-12-2022م بعد أكثر من عامين وستة أشهر بعد انتهاء المدة ، أن هيئة التحكيم قامت بتمديد المدة من تلقاء نفسها دون موافقة الطرفين ، بما يفيد أن الحكم قد صدر متجاوزا للمدة المقررة بما يتعين ابطاله ، بطلان الحكم لمخالفته لأحكام القانون لتجاوز الهيئة التحكيمية صلاحياته وذلك بالحكم بإلزامه للمدعية بأداء النفقات القانونية لممثلي المدعى عليها القانونيون - اتعاب المحاماة التي تكبدتها حال نظر إجراءات التحكيم - برغم عدم اتفاق الأطراف على تخويل الهيئة التحكيمية وتخويلها سلطة الفصل في الاتعاب القانونية ، وحيث قيدت المدعية التظلم بالرقم 5/2023م - تظلم تنفيذ حكم تحكيم - بمـوجب صحيفة قيدت بتاريخ 8/2/2023م بطلب قبوله شكـلا وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر في الطلب 14/2023م - أمـر على عريضة - بالتصديق على حكم التحكيم وتنفيذه وللأسباب أن القرار المتظلم منه قد جاء باطلا وذلك لبطلان الحكم التحكيمي الذي صدر الأمر بتصديقه لمخالفته لأحكام القانون وذلك لصدوره بعد انتهاء المهلة الزمنية المقررة لصدوره ولتجاوز المحكـم الفرد لصلاحيته بالقضاء بالزام المتظلمة بسداد أتعاب اتعاب المحاماة التي تكبدتها المتظلم ضدها حال نظر إجراءات التحكيم ، بجلسة 27-4-2023 قضت المحكمة في الدعوى والتظلم ببطلان الحكم التحكيمي فيما قرره بشأن التكاليف القانونية ورفضهما في عدا ذلك.
 طعنت المدعى عليها في هذا الحكم بالتمييز بالطعن رقم 821 لسنة 2023 تجاري بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى الكترونيا بتاريخ 12-5-2023 بطلب نقضه ، ولم تقدم المطعون ضدها أية مذكره بدفاعها على الطعن ، كما طعنت المدعية على الحكم أيضا بالتمييز بالطعن رقم 857 لسنة 2023 تجاري بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى الكترونيا بتاريخ 21-5-2023 بطلب نقضه ، قدم محامي المطعون ضدها مذكره بجوابه على الطعن طلب فيها رفضه ، وإذ عرض الطعنين على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنهما جديرين بالنظر وحددت جلسة لنظرهما ، وبالجلسة قررت ضمهما للإرتباط وليصدر حكما واحدا بهما.
 أولا ? الطعن رقم 857 لسنة 2023 تجاري :-
 وحيث إن الطعن أقيم على سببين ، تنعي الطاعنة في السبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ، والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق ، إذ قضى برفض دعوى البطلان على حكم التحكيم على الرغم من صدوره بعد انقضاء المهلة القانونية والمنصوص عليها في المادة (42) من قانون التحكيم والمادة (31) من قواعد غرفة التجارة الدولية ، حيث صدر حكم التحكيم بعد ما يزيد على عامين وستة أشهر من تاريخ تقديم طلب التحكيم في 8 يونيو 2020 وحتى تاريخ صدور الحكم في 26/12 /2022 ، ولم يشر فيه إلى أي اتفاق من الأطراف على تمديد المهلة الزمنية لإصدار حكم المحكم ولم يشر فيها كذلك إلى أي قرار صادر عن غرفة التجارة الدولية بتمديد المهلة الزمنية لإصدار الحكم وهي بكافة الأحوال تزيد عن الفترة المحددة قانونا لإصدار الحكم النهائي ، كما لم يتضمن حكم التحكيم أية إشارة إلى طلب مسبب من المحكم المنفرد سبق أن قدمه إلى محكمة التحكيم بتمديد الميعاد ولم يذكر حكم التحكيم أن هناك حالة ضرورة إقتضت التمديد والتي إستدعت أن تستغرق مدة التحكيم من 14/10/2020 حتى 19/10/2022 ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإنه يكون معيبا مما يتعين نقضه.
 وحيث أن هذا النعي مردود إذ من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - وفقاً لنصوص المواد(2 و23 و53 و59) من القانون رقم (6) لسنة 2018م بشأن التحكيم الإتحادي ، أن التحكيم وسيله ينظمها القانون يتم من خلالها الفصل بحكم ملزم في نزاع بين طرفين أو أكثر بواسطة هيئة التحكيم بناء على اتفاق الأطراف ، وأن أحكامه تسري على كل تحكيم يجرى في الدولة ولو استند إلى اتفاق تحكيم سابق عليه ما لم يتفق أطرافه على اخضاعه لأحكام قانون تحيكم أخر شريطة عدم تعارضه مع النظام العام والآداب ، وعلى كل تحكيم ناشئ عن نزاع بشأن علاقة قانونيه عقديه كانت أو غير عقديه تنظمها القوانين النافذة في الدولة إلا ما استثنى منها بنص خاص ، وأنه يحق للأطراف الإتفاق على اخضاعه للقواعد النافذة في أي منظمه أو مؤسسة تحكيم في الدولة أو خارجها ، و من المقرر - في قضاء هذه المحكمة أيضا - أنه لا يقبل الإعتراض على حكم التحكيم إلا بموجب رفع دعوى بطلان إلى المحكمة أو أثناء نظر طلب المصادقة على الحكم ، وعلى طالب البطلان أن يثبت أيا من أسباب البطلان المبينة على سبيل الحصر في نص المادة (53) من قانون التحكيم التي تتعلق بعدم وجود اتفاق تحكيم أو بطلانه أو سقوط مدته ، أو عدم امتلاك الشخص أهلية التصرف في الحق المتنازع بشأنه ، أو إذ تعذر على أحد أطراف التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلاناً صحيحا بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم ، أو نتيجة لإخلال هيئة التحكيم بأسس التقاضي ، أو لأى سبب أخر خارج عن ارادته ، أو إذ استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذى أتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع أو شكلت هيئة التحكيم أو عين أحد المحكمين على وجه مخالف لأحكام القانون أو إتفاق الأطراف أو إذ كانت إجراءات التحكيم باطله بطلاناً أثر في الحكم أو صدر حكم التحكيم بعد إنتهاء المدة المقررة له أو فصل في مسائل لم يشملها إتفاق التحكيم أو جاوز حدود الإتفاق أو كان موضوع النزاع يعد من المسائل التي لا يجوز فيها التحكيم أو خالف للنظام العام والآداب وهى عيوب حددها القانون على وجه الحصر بحيث لا يقاس عليها مما يفيد بأن كل منازعة يثيرها أحد طرفي التحكيم طعنا في الحكم الصادر عن المحكم وتكون غير متعلقة بالحالات المذكورة تكون غير مقبولة ، ومن المقرر - في قضاء هذه المحكمة كذلك - أن المادة (42/1) من ذات القانون قد نصت على أنه على هيئة التحكيم إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه الأطراف ، فإن لم يوجد اتفاق على ميعاد محدد أو طريقة تحديد ذلك الميعاد وجب أن يصدر الحكم خلال ستة أشهر من تاريخ عقد أول جلسة من جلسات إجراءات التحكيم ، كما يجوز أن تقرر هيئة التحكيم مد الميعاد على ألا تزيد فترة المد على (6) ستة أشهر إضافية ، ما لم يتفق الأطراف على مدة تزيد على ذلك فيكون المشرع قد اجاز للمحكم من تلقاء نفسه أن يمد أجل التحكيم إلى سته أشهر أخرى من تلقاء نفسه ، وأن من المقرر أيضا أن الأصل في إجراءات التحكيم أن تكون قد روعيت وعلى من يدعي خلاف ذلك إثباته ، وأن المشرع أتجه في قانون التحكيم سالف البيان إلى الإقلال من دواعي البطلان بتغليب موجبات صحة العمل الاجرائي على أسباب بطلانه أو قصوره ، باعتبار أن الغاية من الإجراء هو وضعها في خدمة الحق ، وهو ما يتفق مع الأصول العامة في العمل الاجرائي التي تقضي بألا يحكم بالبطلان متى تحققت الغاية منه ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة ببطلان حكم التحكيم ? فيما عدا النفقات القانونية ( أتعاب المحاماة ) - على ما أورده في أسبابه بقوله (( حيث أنه عن الدفع ببطلان الحكم لصدوره بعد انتهاء المهلة المقررة والمتفق عليها بين الطرفين ، ولما كان الثابت من محضر إجراءات التحكيم أن تمديد المدد والمهلة قد تم عن طريق أحكام صادرة عن محكمة غرفة التجارة الدولية ، وفق صلاحياتها بالمادة (31/1) من قواعد غرفة التجارة الدولية المنطبقة على إجراءات التحكيم ، ولما كان الحكم المطعون عليه قد صدر بتاريخ 26-12-2022م وكان تاريخ صدوره خلال المهلة التي قررتها محكمة غرفة التجارة الدولية بتاريخ 10/11/2022م والتي تنتهي في 31- يناير 2023م ، وبما يكون معه الدفع على غير سند من القانون متعين رفضه.)) ، وكانت الأوراق قد خلت مما يثبت أنه قد شاب إجراءات التحكيم بطلاناً أثر في الحكم أو صدر حكم التحكيم بعد انتهاء المدة التي قررتها محكمة غرفة التجارة الدولية بتاريخ 10/11/2022 لصدوره وفق القواعد والقانون الذي أخضعه له الأطراف ، فيكون هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغاً ومستمداً مما له أصل ثابت في الأوراق وكافياً لحمل قضائه ومتفقاً وتطبيق صحيح القانون ومتضمناً الرد الكافي على كل ما أثارته الطاعنة ، سيما وأن الأخيرة قد أقرت بموافقتها على الاحتكام وفق قواعد غرفة التجارة الدولية ، وكانت لم تقدم الدليل على أن محكمة غرفة التجارة الدولية أو المحكم لم يراعيا لدى التمديد الإجراء المطلوب منهما ، مما يكون معه النعي عليه بما سلف على غير أساس متعيناً رده.
 وحيث تنعي الطاعنة في السبب الأول ( الأخير ) على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الإستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق ، وذلك لأن الطاعنة تمسكت أمام المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه ببطلان حكم التحكيم فيما قضى به من إلزام الطاعنة بالنفقات القانونية والتي تشمل أتعاب عدة مكاتب محاماة وأتعاب خبراء إستشاريين ورد تفصيلهم بالبند 339 من حكم التحكيم ، إلا أن الحكم المطعون فيه أبطل فقط جزئية أتعاب مكتب ( بيكر أند ماكينزي ) دون الباقي وهو مما يعيبه ويوجب نقضه.
 ثانيا ? الطعن رقم 821 لسنة 2023 تجاري:-
 وحيث أن حاصل ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الإستدلال والإخلال في الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق ، إذ قضى ببطلان حكم التحكيم فيما قضى به بالتكاليف القانونية تأسيسا على أن تكاليف ومصاريف التحكيم التي يجوز لهيئة التحكيم الفصل فيها وردت على سبيل الحصر وهي الأتعاب والنفقات التي يتكبدها أعضاء هيئة التحكيم ولا تشمل النفقات القانونية ، وخلو اتفاق التحكيم من النص على تخويل هيئة التحكيم للفصل في النفقات القانونية واعتبار الوكالة الممنوحة من المدعية/ المطعون ضدها لممثلها القانوني قد خلت من تفويضه بالاتفاق على تفويض هيئة التحكيم حق الفصل في الأتعاب القانونية ، على الرغم من المطعون ضدها هي الأخرى طالبت في دعواها المتقابلة بالأتعاب والتكاليف القانونية وأكدت طوال استمرار إجراءات التحكيم على حقها في المطالبة بهذه النفقات القانونية واحتجت بأن المحكم مخول بمنح هذه التكاليف ومؤداه أن المطعون ضدها قد كانت على علم بما طالبت به المحتكمة/الطاعنة من تكاليف قانونية وناقشت هذه المسألة أمام هيئة التحكيم واستمرت في إجراءات التحكيم دون الدفع بعدم شمول اتفاق التحكيم لمسألة التكاليف والنفقات القانونية حسب الشروط وفي المواعيد القانونية فإن حقها في إبداء هذا الدفع يكون سقط عملاً بأحكام المادة 20 من قانون التحكيم ، واستمرار المطعون ضدها في تقديم مذكرات أمام هيئة التحكيم دون اعتراض إنما هو تأكيد على القبول بما سبق لأطراف التحكيم الاتفاق عليه بخصوص تخويل هيئة التحكيم بالفصل في التكاليف القانونية بما فيها أتعاب المحامين ، وعلى الرغم من ثبوت ذلك الاتفاق على المطالبة بها في المذكرات المتبادلة بين الطرفين أمام هيئة التحكيم فكلا الطرفين قد طلبا من هيئة التحكيم صراحةً الفصل في التكاليف القانونية شاملة أتعاب المحامين ، ولم يعترض أياً منهما على ذلك بل ظل تمسكهما بطلب الفصل في تلك الأتعاب مستمراً حتى نهاية إجراءات التحكيم ، ومن ثم يكون قد ثبت الاتفاق على تخويل المُحكم سلطة الفصل في أتعاب المحامين من خلال المذكرات المتبادلة بغض النظر عما ورد بشرط التحكيم الوارد بالعقد الأصلي باعتباره ? كما ذكرنا ? قد ورد بصيغة عامة تفيد الاتفاق على التحكيم ? من حيث المبدأ ? دون تحديد لتفاصيل إجراءات التحكيم ، كما أن الممثل القانوني للمطعون ضدها " شركة الشريف للمحاماة " التي واصلت تمثيل موكلها حتى نهاية سبتمبر 2020 ، وبتاريخ 01/10/2020 تلقت هيئة التحكيم اخطاراً كتابياً يفيد أن "شركة هادف للمحاماة" حلت محل شركة الشريف بصفتها الممثل القانوني للمطعون ضدها وفق توكيل رسمي موثق بتاريخ 06/10/2020 ، وما حصل من توقيع الشروط المرجعية بتفويض هيئة التحكيم سلطة إصدار قرار في التكاليف القانونية تحقق عن طريق مكتب " الشريف للمحاماة" وكيل المطعون ضدها التي عبرت فيما بعد على استنكارها لتصرفات المحامي المذكور ودحضها لها زاعمه أنه لم يكن مفوضاً للتوقيع والقبول على الشروط المرجعية ، والمفروض أن المطعون ضدها وبعدما تفطنت وأدركت خطورة ما ارتكبه المحامي من اخلالات وتجاوزات على حد زعمها فقد كان عليها أن تسجل اعتراضها على ما حصل من مخالفة لاتفاق التحكيم والطعن في صحة الشروط المرجعية لانعدام صفة المحامي الذي قبل بها ووقع بالموافقة عليها بشرط أن يتم ذلك وفق أحكام المادة 20 و25 من قانون التحكيم ، وإن الوكالة المسندة إلى المحامي الذي قبل بالشروط المرجعية بتفويض هيئة التحكيم سلطة إصدار قرار في التكاليف القانونية لا يتحمل المسؤولية فيها إلا المطعون ضدها لأنها هي الطرف المتسبب في البطلان الذي تدعي أنه شاب الحكم التحكيمي ، وادعاء أن المحامي لم يكن مفوضاً بالاتفاق على تفويض هيئة التحكيم حق الفصل في الأتعاب القانونية محض تحريف لوقائع ثابتة فما تم الاتفاق عليه أمام هيئة التحكيم ليس هو الاتفاق على شرط التحكيم إنما يخص إجراءات التحكيم. ولما كان ذلك وثبت أن المحتكم ضدها كلفت محامياً عنها يمثلها أمام هيئة التحكيم فقد وجب الرجوع إلى تحديد طبيعة ما قام به المحامي من أعمال لمعرفة إن كان مفوضاً في القيام بها ، فإذا كانت المطعون ضدها أقرت في كافة مراحل الدعوى أن العقد المبرم بينها وبين الطاعنة قد تضمن شرط تحكيم وبموجبه انعقد التحكيم فإن المحامي الذي يمثلها أمام هيئة التحكيم لم يكن له التوقيع على اتفاق التحكيم لأنه غير مخول في ذلك وإنما له مباشرة كافة الأعمال والإجراءات التي تدخل في اطار واجباته المهنية وما تضمنته بصريح العبارة الوكالة العامة المسندة من المطعون ضدها إلى " مكتب الشريف للمحاماة" لتمثيلها في جميع الخصومات والدعاوى مع تخويل هذا المكتب "كافة الصلاحيات " .. وله الحق في الإبراء والإسقاط واتخاذ ما يراه ضرورياً ولازما لأدائه المهام الموكلة إليه ... وقد خولته حق توكيل غيره في كل ما وكل به" ، أما الوكالة العامة المسندة من المطعون ضدها إلى مجموعة من المحامين من " مكتب هادف للمحاماة" ( توكيل رسمي موثق بتاريخ 06/10/2020 ) فإنه أورد أن الوكالة تخص " إجراءات التحكيم ويكون أي وكيل مخول بالنيابة عن الشركة (المطعون ضدها) والتوقيع على وثيقة التحكيم وتوقيع وتسليم الطلبات ... ورفع وتقديم الدعاوى المتقابلة ... والتوقيع على أي وثائق ..." ، ووثيقة التحكيم غير اتفاق التحكيم ، مما يثبت معه أن وكيل المطعون ضدها قد وافق على أن تتولى هيئة التحكيم الفصل في التكاليف القانونية وفق بنود الشروط المرجعية ، فضلا عن أن المحكم أستند للفصل في الأتعاب والنفقات القانونية لقواعد غرفة التجارة الدولية والتي تنص على الفصل فيها ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه جميع أوجه النعي عليه ، فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
 وحيث إن هذا النعي والنعي في السبب الأول من الطعن رقم 758 لسنة 2023 تجاري ، مردود ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الرسوم والمصاريف والتكاليف القانونية لا تفرض أو يلزم بها طرف من أطراف التحكيم إلا بمقتضى نص مستمد من القانون أي نص تشريعي أو من القواعد العامة أو نُص عليها في اتفاق التحكيم بنص صريح واضح باعتبار أن قضاء التحكيم هو قضاء اتفاقي يستمد المحكم ولايته فيه من شرط التحكيم الوارد في الاتفاق المبرم بين الطرفين ، وأن يتعين لصحة اتفاق التحكيم من الشخص الاعتباري أن يكون صادرا من ممثله القانوني أو المفوض عنه ، وكان النص في الفقرة الأولى من المادة (46) من القانون رقم (6) لسنة 2018 بشأن التحكيم قد جرى على أنه (( ما لم ينص اتفاق الأطراف على خلاف ذلك ، يكون لهيئة التحكيم تقدير مصاريف التحكيم ، ويشمل ذلك: الأتعاب والنفقات التي تكبدها أي عضو في هيئة التحكيم في سبيل تنفيذ مهامه ، ونفقات تعيين الخبراء من قبل هيئة التحكيم. )) ، مفاد ذلك النص أن مصاريف التحكيم التي تقدرها وتحكم بها هيئة التحكيم واردة على وجه الحصر وهي الأتعاب والنفقات التي تكبدها أي عضو في هيئة التحكيم في سبيل تنفيذ مهامه ونفقات تعيين الخبراء من قبل هيئة التحكيم ، وبالتالي لا يدخل ضمن هذه النفقات القانونية والتي يدفعها الاطراف للممثلين القانونيين الذين يمثلونهم في اجراءات التحكيم أو يعدون ويحضرون الدعوى وينصحون الأطراف قبل بدء اجراءات التحكيم ، وفي غياب النص القانوني أو النص الصريح الواضح في شرط التحكيم عليها ، ومن المقرر - في قضاء هذه المحكمة أيضا - أن استخلاص توافر الصفة والأهلية فيمن وقع على شرط التحكيم من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها ما يساندها في الأوراق ، كما أنها لا تكون ملزمة من بعد بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلي بها الخصوم ولا بتتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد عليها طالما كان في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات وكانت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها ما يساندها من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله ، ولما كان ذلك وكانت وثيقة التحكيم المبرمة بين طرفي الدعوى لم تتضمن الاتفاق على تحمل أحد الأطراف المصاريف القانونية فلا تلزم بها المحكوم عليها ( المدعية ) ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر على ما أورده بمدوناته ((....، وكان الثابت من الحكم التحكيمي محل الطعن أن قضي للمدعى عليها بأتعاب ممثلها القانوني - مكتب بيكر أند ماكينزي - وكان اتفاق التحكيم المبرم بين الطرفين قد خلا من النص على تخويل هيئة التحكيم للفصل في هذه النفقات وأن الوكالة الممنوحة من المدعية لممثلها القانوني قد خلت من تفويضه بالاتفاق على تفويض هيئة التحكيم حق الفصل في الاتعاب والنفقات القانونية لممثلي الأطراف ، ولما كان نص المادة (38) من قواعد غرفة التجارة الدولية والتي استند إليها المحكم لم تنص صراحة على صلاحية هيئة التحكيم بالفصل في النفقات القانونية لممثلين القانونيين لأطراف التحكيم ، وبما يكون معه الحكم بالنفقات القانونية للممثل القانوني للمدعى عليها على غير سند من القانون متعين الغاؤه ، ولما كان المقرر وبموجب أحكام الفقرة (ح) من المادة (53) من القانون رقم (6) لسنة 2018م بشأن التحكيم تقضي بجواز فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له وأن البطلان لا يقع إلا على هذه الأجزاء الأخيرة وحدها فإن المحكمة تقضي ببطلان الحكم التحكيمي فيما قرره بشأن نفقات القانونية للممثل القانوني للمدعى عليها..... )) ، فإن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغا وله أصله الثابت بالأوراق وكافيا لحمل قضائه ، ولا ينال من ذلك ما قررته الطاعنة في الطعن رقم 821 لسنة 2023 تجاري من أن المطعون ضدها لم تعترض على طلب النفقات القانونية أمام هيئة التحكيم طالما كفل لها القانون الاعتراض وطلب بطلان حكم التحكيم كليا أو جزئيا بعد صدوره أمام المحكمة المختصة ، كما ولا ينال منه كذلك ما قررته الطاعنة في الطعن رقم 857 لسنة 2023 تجاري من أنها طالبت بنفقات أخرى لم يقضي ببطلانها أيضا لكونها من النفقات التي نص قانون على القضاء بها ولم تقدم الدليل على أن بعضها تعتبر أتعاب محاماه ، ويضحى النعي على الحكم بما سلف على غير أساس.
 وحيث أنه ولما تقدم يتعين رفض الطعنين.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعنين رقمي 821 و857 لسنة 2023 تجاري ، وإلزام كل طاعنه بمصاريف طعنها ، وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة وبمصادرة التأمينين.