تباين الألوان

تبديل للأبيض والأسود

تباين الألوان

قارىء محتوى الصفحة

استمع إلى محتوى الصفحة

حجم الخط

استخدم الازرار ادناه لتغيير حجم الخط

A-
A
A+

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 08-06-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 1514 لسنة2022 طعن تجاري
طاعن:
إ. ش. ب. ل. 
مطعون ضده:
ر. ك. ل. ش. ذ. م. م. 
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/32 بطلان حكم تحكيم
بتاريخ 31-10-2022
أصـدرت الحكـم التـالي
 بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة القاضي المقرر/ نبيل عمران وبعد المداولة.
 حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
 وحيث إن الوقائع ? على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن ? تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 32 لسنة 2022 بطلان حكم تحكيم على المطعون ضدها بطلب بطلان الحكم الصادر بتاريخ 13 يوليو 2022 من هيئة التحكيم في الدعوى التحكيمية المقيدة برقم 47 لسنة 2020 لدى مركز دبي للتحـكيم الدولي. وبيانًا لذلك قالت إن حكم التحكيم صدر باطلًا لعدم سداد المطعون ضدها لرسوم التحكيم المقررة، كما أنها لم تتبع الشروط المسبقة المتفق عليها في العقد المبرم بين الطرفين لحل النزاع قبل قيد الدعوى بمركز التحكيم، حيث لم يتم عـرض النزاع على المهندس الاستشاري للمشروع للفصل فيه خلال تسعين يومًا قبل اللجوء إلى التحكيم، كما قضت هيئة التحكيم بالأتعاب القانونية للممثلين القانونيين للمطعون ضدها على الرغم من عدم اتفاق الطرفين على تخويلها تلك السلطة، وكذلك لم تفحص هيئة التحكيم جميع المستندات المقدمة من الطاعنة ولم تستعرض دفاعها وتبحثه على النحو الذي يتفق والتقدير السليم للأدلة . وبتاريخ 31 أكتوبر 2022 قضت المحكمة برفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى إلكترونيًا بتاريخ 16 نوفمبر 2022 طلبت فيها نقض الحكم، وقدمت المطعون ضدها مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة رأت أنه جدير بالنظر وقررت الحكم فيه بجلسة اليوم بغير مرافعة.
 وحيث إن الطاعنة تنعَى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت ببطلان حكم التحكيم على سند من أن المطعون ضدها أقامت الدعوى التحكيمية لدى مركز دبي للتحكيم الدولي، ولم يتم سداد رسوم التحكيم من قِبل الطرفين، بما يؤدي إلى سقوط شرط التحكيم لانقضاء الغرض من التحكيم بعدم إمكانية موالاة السير فيه، وتكون هيئة التحكيم قد أخطأت بالاستمرار في نظر التحكيم رغم سقوط شرط التحكيم، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض دفاعها في هذا الخصوص، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
 وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الثابت من الفِقرتين رقمي (6.19) ، (9.37.2) من حكم التحكيم أن المطعون ضدها (المحتكمة) قد سددت للمركز كامل الرسوم المستحقة على الطرفين بما في ذلك نصيب الطاعنة (المحتكم ضدها) من تلك الرسوم بعد أن عجزت عن دفعها. وكان التخلف عن سداد الرسوم المستحقة لمركز التحكيم -بفرض حصوله- لا يؤدي مطلقًا إلى سقوط اتفاق التحكيم؛ إذ لا تأثير البتة لعدم سداد الرسوم على وجود اتفاق التحكيم أو صحته، فإذا كان بطلان حكم التحكيم لا يؤدى بالضرورة إلى سقوط اتفاق التحكيم وفقًا للمادة 54(4) من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2018 بشأن التحكيم، فمن باب أولى لا يؤدي التخلف عن سداد رسوم التحكيم إلى سقوط اتفاق التحكيم أو انقضاء الغرض منه. هذا إلى أن التخلف عن سداد رسوم التحكيم لا يُعد من الحالات التي حددتها المادة 53 من قانون التحكيم على سبيل الحصر لطلب إبطال حكم التحكيم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض هذا السبب للبطلان على ما مؤداه أن حالات دعوى البطلان قد وردت في قانون التحكيم على سبيل الحصر، فلا يجوز التوسع فيها أو القياس عليها، وأن هذا السبب لا يدخل في حالات طلب بطلان حكم التحكيم، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقًا سليمًا ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
 وحيث إن الطاعنة تنعَى بالوجه الأول من السبب الثاني وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك بأنها تمسكت في دعوى البطلان بأن البند 67 من عقد المقاولة المبرم بين الطرفين لا يجيز اللجوء إلى التحكيم قبل عرض النزاع على المهندس الاستشاري للمشروع ليصدر قراره خلال تسعين يومًا، فيكون حكم التحكيم باطلًا لصدوره بغير لجوء المطعون ضدها إلى المهندس الاستشاري أولًا، لا سيما وأنها لم تثبت قيامها بهذا الإجراء، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا السبب للبطلان، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
 وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى انتهى الحكم إلى نتيجة صحيحة فإنه لا يعيبه ما شابه من قصور في أسبابه القانونية أو ما استطرد إليه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة التمييز استكمال ما قصر الحكم في بيانه من تلك الأسباب وتصحيح هذا الخطأ ورده إلى أساسه السليم دون أن تنقضه. وكانت الشروط المسبقة على التحكيم preconditions to arbitration -كعرض النزاع على المهندس الاستشاري قبل اللجوء إلى التحكيم- لا تُعد من المسائل المتعلقة باختصاص هيئة التحكيم questions of jurisdiction أي المسائل التي تحدد ما إذا كانت الجهة المنوط بها الفصل في النزاع هي هيئة التحكيم أم محاكم الدولة، وإنما من المسائل المتعلقة بما إذا كانت الطلبات الموضوعية المثارة في الدعوى التحكيمية يمكن سماعها في ذلك الوقت أو يحول مانع قانوني دون ذلك كرفعها مثلًا قبل الأوان questions of admissibility . آية ذلك أن عدم تحقق أي من الشروط المسبقة على التحكيم لا يعيد سلطة الفصل في النزاع إلى محاكم الدولة مرة أخرى، وإنما من شأنه -في أقصى مدى- أن يؤجل سماع الدعوى عن طريق التحكيم إلى حين استيفاء الشروط المسبقة التي اتفق عليها الطرفان، فيظل التحكيم هو الجهة صاحبة الاختصاص بالفصل في النزاع. ومؤدى هذه التفرقة، أن المسائل المتعلقة بإمكانية سماع الطلبات الموضوعية في وقت ما تخضع للسلطة التقديرية لهيئة التحكيم ولا يبسط عليها قضاء الدولة رقابته إلا في أضيق الحدود لضمان عدم الإخلال بحق الدفاع أو مخالفة النظام العام للدولة، بعكس رقابة القضاء على قرارات هيئة التحكيم فيما يتعلق باختصاصها. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن هيئة التحكيم قد ردت في حكم التحكيم على ما أثارته الطاعنة في هذا الخصوص بما مؤداه أنه مع الأخذ في الاعتبار الغرض من البند 67 من العقد والنية المتبادلة للطرفين وقت إبرامه، فإن نيتهما كانت عدم استخدام هذا البند بطريقة تؤدي إلى تأخيرات غير مبررة فيما يتعلق بموضوع أي مطالبة، وأنه عندما يكون النزاع حول شهادات الدفع المرحلية IPCs التي سبق اعتمادها بالفعل من جانب المهندس -أي أقر فيها بأحقية المقاول في صرف قيمتها مقابل ما أنجزه من جزء من الأعمال- فإنه يتنافى مع المنطق افتراض أن الطرفين قصدا أن تُحال إلى المهندس لمرة ثانية ذات المسألة التي سبق وأن أقرها من قبل، وأن الثابت من مراجعة الأدلة أن البند 67 من العقد قد تم الالتزام به بالقدر الضروري والمنطقي. ونتيجة لذلك، يكون قد تم في الواقع استيفاء الشروط المسبقة وتكون بالتالي المطالبات مقبولة، لا سيما وأنه بتاريخ 28 نوفمبر 2019 قدمت المحتكمة إشعارًا بنيتها لبدء التحكيم على النحو المطلوب بموجب الفِقرة الفرعية 67(1) من العقد، وبموجب هذا الإشعار طلبت المحتكمة من المحتكم ضدها الدخول في مناقشات لمحاولة تسوية المنازعات وديًا، ولم يقدم الطرفان أي دليل على وجود رد من المحتكم ضدها. وقد أرسلت المحتكمة رسالة أخرى في 15 ديسمبر 2019 تقترح عقد اجتماع بين الطرفين في 17 ديسمبر 2019 ولم تقدم المحتكم ضدها أو المهندس أي رد، وتم تقديم طلب التحكيم في 14 إبريل 2020، وتتجاوز المدة بين تاريخ تقديم طلب التحكيم المقدم من المحتكمة والإخطار الأخير للمحتكمة فترة التسوية الودية الإلزامية البالغة 56 يومًا المنصوص عليها في البند 67 من العقد، بما يمنح المحتكم ضدها والمهندس الفرصة للرد على طلب التحكيم للتوصل إلى حل متبادل إذا كانوا يعتزمون القيام بذلك. واختتمت هيئة التحكيم تحليلها بأنه في ظل الظروف آنفة الذكر، فإنها تجد أن الإجراءات التي تم اتخاذها تجعل المطالبات متوافقة بشكل كاف مع البند 67 من العقد، وبالتالي تكون مطالبات مقبولة. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نتيجة صحيحة حين قضى بعدم قبول هذا السبب لبطلان حكم التحكيم، ومن ثم فلا يعيبه ما شابه من خطأ في أسبابه المؤدية لهذه النتيجة عندما قضى بعدم قبول هذا السبب لسابقة الفصل فيه بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 167 لسنة 2022 أمر على عريضة، طعنًا على حكم التحكيم الجزئي الصادر من هيئة التحكيم بشأن قضائها باختصاصها بنظر دعوى التحكيم والذي لم يتطرق للشروط المسبقة على التحكيم، إذ لمحكمة التمييز تصحيح هذا الخطأ ورده إلى الأساس السليم دون حاجة لنقض الحكم، ويكون النعي عليه بهذا السبب غير منتج وبالتالي غير مقبول.
 وحيث إن الطاعنة تنعَى بالوجه الثاني من السبب الثاني وبالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفه القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دعوى البطلان بأن حكم التحكيم ألزمها سداد مبلغ 753?540?1 درهمًا قيمة الأجور المستحقة لمكتبي المحاماة عن المطعون ضدها ضمن المبلغ المحكوم به، على الرغم من غياب أي نص قانوني بذلك، أو اتفاق بين الطرفين بشأن تلك الأجور، وبالمخالفة لنص المادة 46(1) من قانون التحكيم، ولقواعد التحكيم لدى مركز دبي للتحكيم الدولي، وأن نفقات التحكيم لا تشمل الأجور التي يدفعها الأطراف للممثلين القانونيين. وأن الحكم استند في قضائه إلى الأمر الإجرائي الذي أصدرته هيئة التحكيم بتاريخ 23 مارس 2021 مع أنه لا قيمة لهذا الأمر دون اتفاق من الطرفين على تخويلها سلطة الفصل في أجور المحامين، لأن صدور أمر إجرائي من هيئة التحكيم لا يمكن أن يقوم مقام اتفاق الطرفين، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
 وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه ولئن كان الغرض من إصدار هيئة التحكيم لأمر إجرائي Procedural Order هو الفصل في أي منازعة إجرائية بين الطرفين أو إصدار مجموعة من القواعد المكملة لتنظيم إجراءات التحكيم بشكل مفصل، إلا أنه ليس هناك ما يمنعها من أن تُضمِن الأمر الإجرائي أية مسائل اتفق عليها الطرفان أو تشاورا بشأنها معها. وكان إثبات اتفاق الطرفين على أي مسألة من مسائل التحكيم في أمر إجرائي لا يغير من الطبيعة الاتفاقية لهذه المسألة. وقد يرد اتفاق الطرفين على منح هيئة التحكيم سلطة الفصل في أتعاب الممثلين القانونيين للأطراف وأي مصاريف أخرى يتكبدونها باعتبارها جزءًا من تكاليف التحكيم في أي مرحلة من مراحل التحكيم؛ كالنص عليه صراحة في اتفاق التحكيم أو في اتفاق لاحق عليه أو في قواعد تحكيم مؤسسية أو في المراسلات المتبادلة مع هيئة التحكيم أو أثناء أي اجتماع معها. فإذا تم ذلك الاتفاق -أيًا كانت صورته- جاز لهيئة التحكيم تسجيله في أمر إجرائي، ومع ذلك تظل سلطة هيئة التحكيم في الفصل في تلك الأتعاب والمصاريف منسوبة إلى اتفاق الطرفين لا إلى إرادة هيئة التحكيم. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على الأمر الإجرائي رقم (2) الذي أصدرته هيئة التحكيم بعد اجتماعها بممثلي الطرفين عن بُعد، أن الطرفين قد اتفقا على عدة مسائل في هذا الاجتماع من بينها أنهما سوف يقدمان مذكرات ختامية ومذكرات عن التكاليف cost submissions خلال مدة شهر، وأنه سيكون لهيئة التحكيم، في الحكم النهائي، سلطة تحديد وتخصيص أتعاب المحامين عن الطرفين باعتبارها جزءًا من تكاليف التحكيم the parties? lawyers? fees as part of the arbitration costs ، وكان الحكم المطعون فيه قد واجه دفاع الطاعنة الوارد بوجه النعي وانتهى إلى رفضه على سند من أن الثابت بالفِقرة 2(4) من الأمر الإجرائي الصادر بتاريخ 23 مارس 2021 أن الطرفين قد اتفقا على صلاحية هيئة التحكيم في الفصل وتحديد مصاريف وأتعاب المحامين عن كـل طـرف، وبما مُفاده أن هيئة التحكيم قد استندت في قضائها في هذا الخصوص إلى اتفاق الطرفين الذي تم تسجيله في الأمر الإجرائي والذي يُعد في هذه الحالة مُقرًا لاتفاقهما لا منشئًا له. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد طبق القانون تطبيقًا صحيحًا ويكون النعي بالبطلان المؤسس على الفصل في أتعاب المحامين استنادًا إلى أمر إجرائي صادر من هيئة التحكيم دون اتفاق الطرفين، على غير أساس.
 ولِما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعنة المصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة وأمرت بمصادرة التأمين.