بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 06-03-2024 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 1522 لسنة2023 طعن تجاري
مطعون ضده:
ب. ا. ا. ب. ا. س. ح. ش. س. د. س. ج. ب. ا. س. س.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/602 استئناف أمر أداء بتاريخ 28-09-2023
مطعون ضده:
ب. ا. ا. ب. ا. س. ح. ش. س. د. س. ج. ب. ا. س. س.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/602 استئناف أمر أداء بتاريخ 28-09-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر طارق يعقوب الخياط وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدها (بريتيش انترناشونال إنفستمنتس بيه إل سي - سابقاً شركة سي دي سي جروب - بي ال سي) تقدمت بطلب لاستصدار أمر الأداء قبل الطاعن (ساني فاركي ك س فاركي) قيد برقم 1676 لسنة 2022 أمر أداء طلبت إلزامه بأن يؤدي إليها مبلغ (23،883،846,17) درهم والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ الاستحقاق الحاصل في 2021/12/31 وحتى تمام السداد، تأسيسًا على أنها ارتبطت بعلاقة تجارية بالطاعن بشأن بيع أسهم ترصد لها في ذمته مبلغ المديونية المطالب بها والذي حرر الطاعن لها به شيكا مصرفيا على بنك حبيب زيورخ بمبلغ المطالبة والذي ارتد من البنك المسحوب عليه لعدم كفاية الرصيد، وبمطالبة المطعون ضدها الطاعن بسداد المبلغ امتنع فأنذرته ومن ثم تقدمت بطلب إصدار أمر الأداء الراهن، وبتاريخ 2022/8/9 أصدر القاضي المختص قراره بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدها مبلغ (23,883,841,17) درهم والفائدة بواقع 5% من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام، استأنف الطاعن هذا القرار بالاستئناف رقم 602 لسنة 2022 أمر أداء ودفع بشرط التحكيم، وبتاريخ 2023/1/5 قضت المحكمة بإلغاء القرار المستأنف والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم ، طعنت المطعون ضدها في هذا الحكم بالتمييز رقم 179 لسنة 2023 وبتاريخ 2023/5/31 حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد، تأسيساً على أن الحكم المطعون فيه قد شابه القصور بالتسبيب والاخلال بحق الدفاع لعدم رده على دفاع المطعون ضدها بعدم أحقية الطاعن في التمسك بشرط التحكيم لقصره حصرياً على المطعون ضدها دون الطاعن، وإذ أعيد تداول الاستئناف بذات الرقم قضت المحكمة بتاريخ 28 سبتمبر 2023 بندب خبير في الدعوى، بعد أن رفضت قي أسباب حكمها الدفع المبدى من الطاعنة بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم.
طعن الطاعن بهذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى في2023/10/26 طلب فيها نقضه، وقدم وكيل المطعون ضدها مذكرة في الميعاد طلب فيها رفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفه مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والاخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول بأن الحكم المطعون فيه أخطأ عندما رفض الدفع بالتحكيم بالمخالفة لبنود الاتفاقية وإرادة المتعاقدين الصريحة بإحالة أي نزاع للتحكيم وفقاً للشروط المبينة تفصيلاً بالبند (22) من الاتفاقية، وأن استنتاج الحكم بحق المطعون ضدها اللجوء إلى أي جهة قضائية في أي محكمة أخرى ذات اختصاص قضائي لاستيفاء حقوقها هو استنتاج مخالف لبنود الاتفاقية - إذ أن هذا الحق - وإن صح - فهو لاتخاذ الإجراءات فقط (مثل التصديق على حكم التحكيم أو طلب تنفيذه) وليس الفصل في النزاع من الناحية الموضوعية أو بحث التزام كل طرف بالوفاء بالتزاماته ومدى أحقية كل طرف في مطالباته وذلك حسب الثابت من نص البند رقم (21) من الاتفاقية والذي اقتصر على الإجراءات فحسب أي أنه وفى حالة وجود نزاع قضائي بين الطرفين ? كما هو الحال في النزاع الماثل - فإن الاختصاص الحصري يكون للتحكيم وفقاً لما سلف بيانه من القانون الواجب التطبيق والجهة المختصة بنظر التحكيم ولغة التحكيم، كما أن المطعون ضدها تقدمت بصحيفة قيد دعوى بتاريخ 2023/7/5 لدى محكمة العدل العليا - محاكم الأعمال- مانشيستر إنجلترا - المملكة المتحدة وذلك تمهيداً لطلب اللجوء إلى التحكيم نفاذاً لبنود الاتفاقية، كما أقرت بالصحيفة أن الشيكات الصادرة عن الطاعن ? والتي من ضمنها الشيك موضوع النزاع الماثل ? هي شيكات ضمان واشتملت مطالباتها في هذه الصحيفة على كامل المبالغ التي تزعم ترصدها بذمة الطاعن بما في ذلك قيمة الشيك موضوع النزاع الماثل أي أنها تطالب بالمبالغ المتعلقة بذات الحق محلاً وسبباً وهو ما لا يجوز قانوناً لتعلقه بالنظام العام، بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر ووفقاً لنصوص المواد (1-2-4-5-6-7) من القانون رقم (6) لسنة 2018م بشأن التحكيم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التحكيم هو اتفاق الخصوم صراحةً على اختصاص التحكيم دون المحاكم بالفصل في كل أو بعض ما قد يشجر بينهم من منازعات أو ما نشب بينهم بالفعل من منازعات، وأن الاتفاق على التحكيم لا يثبت إلا بالكتابة سواء كانت الكتابة محرراً وقعه الطرفان أو ما تبادلوه من رسائل وغيرها من وسائل الاتصال المكتوبة أو تم بموجب رسائل إلكترونية وفقاً لقواعد المعاملات الإلكترونية أو إذا أحيل في عقد ثابت بالكتابة إلى أحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية أو أية وثيقة أخرى تتضمن شرط تحكيم وكانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءاً من العقد أو إذا ورد في المذكرات الخطية المتبادلة بين الأطراف أثناء إجراءات التحكيم أو أمام القضاء ولم يعترض الطرف الآخر، وأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم هو دفع شكلي من قبيل الدفوع بعدم الاختصاص لأن الهدف من التمسك به هو إنكار اختصاص المحكمة بنظر الدعوى.. وأن من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتفسير الاتفاقات والعقود والمشارطات وسائر المحررات واستخلاص أطراف شرط التحكيم والشروط المختلف عليها واستظهار النية المشتركة للمتعاقدين بما تراه أوفى بقصودهما مستشهدة في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة عليها من محكمه التمييز متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ولم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر أو العقد على أن تقيم تفسيرها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالعقد، وأن من المقرر كذلك وفقاً لنص المادة (8/1) من قانون التحكيم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يجب على المحكمة التي يُرفع إليها نزاعٌ يوجد بشأنه اتفاق تحكيم، أن تحكم بعدم قبول الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفع في موضوع الدعوى، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه - انتهى بحكمه التمهيدي - إلى عدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم على ما أورده في أسبابه من أنه (( لما كان ذلك وكان الثابت من الاتفاقية المحررة بين طرفي الخصومة بند ( 22/1) بعنوان حل النزاعات ونص على أن [ يوافق كل طرف بشكل نهائي على أن محاكم إنجلترا وويلز يكون لها اختصاص غير حصري لتسوية أي نزاع أو مطالبة "بما في ذلك النزاعات أو المطالبات غير التعاقدية" الناشئة عن أو فيما يتعلق بهذه الاتفاقية أو موضوعه أو تشكل (نزاع) لا يوجد في هذا البند ما يحد من حق سي. دي. سي في اتخاذ إجراء ضد "صيني فاركي" أو الضامن " في أي محكمة أخرى ذات اختصاص قضائي ولا يمنع اتخاذ الإجراءات في أي ولاية قضائية واحدة أو أكثر من اتخاذ الإجراءات في أي سلطات قضائية أخرى سواء بشكل متزامن أم لا إلى الحد الذي يسمح به قانون مثل هذه الولاية القضائية ] ثم ورد بالبند (22/2) من العقد المذكور على أنه [بصرف النظر عن البند (22/1) وبناء على "خيار سي . دي" الوحيد يتم إحالة أي نزاع إلى التحكيم وحله نهائياً عن طريق التحكيم وفقاً لقواعد لجنة الأمم المتحدة ....] ومن ثم فإن العقد منح المستأنف ضدها حق الخيار فيما يتعلق بالمحكمة المختصة كما منح حق الخيار في اللجوء للتحكيم من عدمه وفق البند 22/2 من الاتفاقية ومن ثم وقد لجأت للمحكمة بناء على ذلك الخيار الممنوح لها واختيارها عدم اللجوء للتحكيم فإن الدفع يكون غير صحيح ويتعين رفضه دون حاجة للنص عليه في المنطوق))، ولما كان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه له أصله الثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون ومؤديا لما انتهى إليه قضاؤه وكافيا لحمله، ولا ينال من ذلك ما يتحدى به الطاعن من تقدم المطعون ضدها بصحيفة قيد دعوى بتاريخ 2023/7/5 لدى محكمة العدل العليا - محاكم الأعمال- مانشستر إنجلترا - المملكة المتحدة وذلك تمهيداً لطلب اللجوء الى التحكيم حال أنها مقدمة بعد رفع الدعوى الراهنة ومن ثم فيكون النعي على الحكم المطعون فيه بما ورد بهذه الأسباب قائما على غير أساس.
وحيث أنه من المقرر وفق ما تقضي به المادة 152 من قانون الإجراءات المدنية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (42) لسنة 2022 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة الصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري والأحكام الصادرة بعدم الاختصاص وكذلك الأحكام الصادرة بالاختصاص إذا لم يكن للمحكمة ولاية الحكم في الدعوى، بما يستفاد منه أنه يحق للخصوم في هذه الحالات المستثناة على سبيل الحصر الطعن فيها على استقلال ولو لم تكن منهية للخصومة كلها - ويشترط لجواز الطعن في الأحكام الصادرة بالاختصاص أو عدم الاختصاص على استقلال ثبوت انتفاء ولاية المحكمة بالحكم في الدعوى - كما أنه من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى للاتفاق على التحكيم هو من قبيل الدفوع بعدم الاختصاص لأن المقصود منه هو إنكار اختصاص المحاكم بنظر الدعوى ويعد قضاء المحكمة برفض هذا الدفع مشتملاً على قضاء ضمني باختصاصها بنظر الدعوى مما يجوز الطعن فيه على استقلال قبل صدور الحكم المنهى للخصومة كلها متى ثبت أن المحكمة لا ولاية لها للحكم في الدعوى، لما كان ما تقدم، وكانت هذه المحكمة قد انتهت إلى ثبوت ولاية محاكم دبي الحكم في الدعوى، فإن الطعن في الحكم المطعون فيه غير المنهي للخصومة كلها يكون غير جائز، وهو ما تقضي به المحكمة.
وحيث أنه ولما تقدم يتعين القضاء بعدم جواز الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم جواز الطعن، وإلزام الطاعن بالمصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة، وأمرت بمصادرة التأمين.